العلاقة بين الإلحاد وتأويلات ميكانيكا الكم :

العلاقة بين الإلحاد وتأويلات ميكانيكا الكم :
إن من المفاهيم الجوهرية لميكانيكا الكم  مفهوم العشوائية Randomness   أواللاتحديد Indeterminancy . فبوجه عام ميكانيكا الكم  تتنبأ  باحتمالية  نتيجة معينة ولا تعطى نتيجة محددة .
على سبيل المثال ظاهرة النشاط الإشعاعى  تصور أن هناك صندوق من الذرات التى  يمكن لأنويتها أن تتحلل إشعاعيا من خلال إطلاق جسيمات ألفا  فإن بعد مرور  فترة زمنية معينة فإن كسر Fraction معين من جملة الأنوية سوف يتحلل ويمكن  للنظرية ان تتنبأ بهذا الكسر بشكل دقيق لكن لا يمكنها أن تحدد أى أنوية من  جملة الأنوية هى التى ستتحلل  وتفترض النظرية أن جميع الأنوية عند بداية  الفترة الزمنية المذكورة لها فرص متساوية فى التحلل وإن كانت ليست جميعا  سوف تتحلل  وأن هذه الأنوية جميعا كانت بحال واحدة عند بداية الفترة وأنه  ليس هناك خاصية ترجح تحلل بعض الأنوية دون البعض الآخر وأن عملية التحلل  عشوائية بصفة مطلقة وليس مجرد أنها تبدو كذلك . وقد رفض علماء بارزين وعلى  رأسهم أينشتين مفهوم العشوائية واللاتحديد هذا ووضعوا مفهوم المتغيرات  المخفية Hidden Variables ومفاده أن ثمة خواص موجودة وإن كنا لا نعلمها  الآن تتمتع بها بعض الأنوية دون البعض الآخر هى التى رجحت كفة تحلل بعض  الأنوية دون البعض  وهى الفكرة التى تعيد الحتمية للفيزياء مرة أخرى .
وتفترض أحد تأويلات نتائج ميكانكا الكم وهى ما يعرف بتأويل كوبنهاجن  Copenhagen Interpretation  نسبة لمدينة كوبنهاجن التى كان يعمل بها نيلز  بور Neils Bohr أحد أكبر مناصرى هذا التأويل . وهذا التأويل يؤكد على أن  العشوائية أو اللاتحديد الملاحظ  فى الطبيعة هو جوهرى وليس أنه نتيجة نقص  فى معلوماتنا الحالية وبذلك نبذ فكرة المتغيرات المخفية .
ويرى هذا التأويل أن الجسيم الكمى Quantum particle ( كالإلكترون ) يوجد فى  جميع حالته المحتملة فى ذات الواقت  لا أنه يوحد فى هذه الحالة او تلك من  الحالات المحتملة فى وقت معين . وانه فقط عندما نقوم بملاحظته فإنه يتخذ  أحد الحالات المحتملة ! أى ان ملاحظتنا له تجبره على اتخاذ حالة معينة   ويتوقف عن أن يوجد فى جميع الحالات المحتملة فى نفس الوقت !. ولتوضيح ذلك  فقد قام  شرويدنجر Erwin Schrodinger  باجراء تجربة تسمى  تجربة قطة  شرويدنجر Schrodinger's Cat  . وفيه توضع قطة فى صندوق مع قطعة من مادة  مشعة وفى وجود عداد جيجرGeiger counter وهو عداد يقيس مقدار الاشعاع  حيث  يوضع بطريقة معينة داخل الصندوق بحيث عندما يرصد نشاط أشعاعيا داخل الصندوق  يجعل مطرقة hammer تسقط على  زجاجة تحتوى  حمض الهيدروسيانيك Hydrocyanic  acid  والذى بمجرد تسربه خارج الزجاجة فسوف يقتل الهرة .
ولالغاء اليقين فيما يتعلق بمصير الهرة فإن الصندوق يترك بمحتوياته هذه  لمدة ساعة وهى فترة من من الممكن ان يكون قد حدث  خلالها تحلل اشعاعى  للمادة المشعة يرصده العداد وفى نفس الوقت قد يكون لم يحدث ، وخلال هذه  الفترة فإن حال الهرة  مجهول  ولانها لا يمكن ان تلاحظ خلال هذه الفترة فلا  يمكن القول اذا ما كانت حية او ميتة  بل كانت حية ميتة فى نفس الوقت ! .  وهذه الحالة تسمى coherent superposition .
ومن طرائف هذا التأويل أنه لا يجعل للواقع حقيقة موضوعية  وأنه ليس هناك  سوى تصورتنا وملاحظتنا  ولذا يوسم هذا التأويل بأنه Anti-realist  بمعنى  أنه لا يوجد واقع حقيقى  وراء ملاحظاتنا  بصرف النظر عن كوننا نلاحظة أو لا  نلاحظه .
ووفقا لتأويل أخر والذى يسمى العوالم المتعددة Many worlds Interpretation  فإنه لكل نتيجة محتملة لفعل معين فإن الكون ينقسم splits ليسع accomodate   كل نتيجة محتملة !! ومن ذلك انه فى عالم موازى  لعالمنا فإن هتلر نجح فى أن  يحقق السيطرة على العالم  وفى آخر فان الولايات المتحدة لم تسقط قنابل  نووية على هيروشيما وناجازاكى .!!!
والحاصل من هذا كله اسقاط مبدأ السببية  كما ان الغرض من تأويل العوالم  المتعددة  فضلا عن ذلك اسقاط  حجة النظام فى الكون بالقول ان النموذج  الكونى الذى نحيا فيه هو ما هو الا احتمال من احتمالات متعددة لترتيب ذرات  الكون كلها موجودة وتمثل عوالم متوازية !!
وقد نبذ أينشتين هذا كله وقال أن للعالم خواص ذات وجود موضوعى بصرف النظر  عن قياستنا وملاحظاتنا أى أن للعالم المادى وجود فى حد ذاته لا أنه ما ثمَّ  سوى ملاحظات وتصورات 
كما أنه رفض عشوائية ولاسببية  تأويلات ميكانيكا الكم التى هى من باب  الخيال العلمى  ورفض القول بترجيح أحد الاحتمالات بلا مُرجِّح  وكان يقول :  مهما يكن من أمر، أنا على قناعة بأنه ( أى الخالق ) لا يلعب النرد ! .  ويقول : هل تعتقد فعلا أن القمر ليس هناك فى السماء طالما أنك لا تنظر اليه   ؟! .
  ولذا أدخل مفهوم المتغيرات المخفية Hidden Variables ومفاده كما تقدم أن  ثمة خواص موجودة وإن كنا لا نعلمها الآن تتمتع بها بعض الأنوية دون البعض  الآخر هى التى رجحت كفة تحلل بعض الأنوية دون البعض  وهى الفكرة التى تعيد  الحتمية للفيزياء مرة أخرى  وليس انها تحلل بلاسبب أو بلا مرجح لتحللها دون  غيرها .
وأن جهلنا بها لا يعنى أنها ليست موجودة  وقال بان كل شىء فى الكون محتوم   وهو ما يقتضيه المنطق ولذا توصف نظرية الكم بأنها ضد  البديهة  Counter-Intuitive  .
ومن الطريف أننى لما عارضت أحد الملاحدة ممن " يسوقون الهبل على الشيطنة   بقول أينشتين وكيف أنه هو وعلماء النسبية – وفق ماذكره جورج جاموف فى كتاب  قصة الفيزياء -  يصفون نظرية الكم بالصبيانية  فما كان منه إلا أن قال  وبالحرف الواحد : دعك من هذا اليهودى القذر !!
المصادر :
"quantum mechanics." Encyclopædia Britannica from  Encyclopædia Britannica 2007 Ultimate Reference Suite. (2009).  
"physical science." Encyclopædia Britannica from  Encyclopædia Britannica 2007 Ultimate Reference Suite. (2009).  
http://www.answers.com/topic/copenhagen-interpretation http://science.howstuffworks.com/quantum-suicide4.htm
 
 
 
          
      
 
  
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق